yso3-love.mam9.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

yso3-love.mam9.com

gded
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الجزء الثالت من القداس الالهى بقلم الانبا روفائيل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر




الجزء الثالت من القداس الالهى بقلم الانبا روفائيل Empty
مُساهمةموضوع: الجزء الثالت من القداس الالهى بقلم الانبا روفائيل   الجزء الثالت من القداس الالهى بقلم الانبا روفائيل Icon_minitimeالثلاثاء يونيو 03, 2008 7:47 pm



(6)
القداس الإلهي

لنيافة الأنبا رافائيل

أفضل قربانة

عندما يختار أبونا قربانة الحَمَل يُقلّب في الخبزات الموضوعة أمامه في طبق الحَمَل، ليختار أفضلها لتكون ذبيحة الإفخارستيا.. لماذا؟
لأن ربنا يسوع المسيح هو الحَمَل الحقيقي الذي بلا عيب، وقد شهد عنه يوحنا المعمدان قائلاً: "هوذا حَمَلُ اللهِ الذي يَرفَعُ خَطيَّةَ العالَمِ" (يو1: 29). وسبق أن تنبأ عنه إشعياء النبي قائلاً: "كشاةٍ تُساقُ إلَى الذَّبحِ، وكنَعجَةٍ صامِتَةٍ أمامَ جازيها فلم يَفتَحْ فاهُ" (إش53: 7). وكذلك تنبأ إرميا النبي قائلاً: "وأنا كخَروفٍ داجِنٍ يُساقُ إلَى الذَّبحِ" (إر11: 19).
أما عن كونه بلا عيب.. فلأن ربنا قيل عنه: "الذي لم يَفعَلْ خَطيَّةً، ولا وُجِدَ في فمِهِ مَكرٌ" (1بط2: 22).. تحقيقًا لنبوة إشعياء النبي: "علَى أنَّهُ لم يَعمَلْ ظُلمًا، ولم يَكُنْ في فمِهِ غِشٌّ" (إش53: 9). وقد شهد بذلك اللص اليمين حينما وبّخ زميله قائلاً: "أمّا نَحنُ فبعَدلٍ، لأنَّنا نَنالُ استِحقاقَ ما فعَلنا، وأمّا هذا فلم يَفعَلْ شَيئًا ليس في مَحَلهِ" (لو23: 41). أمّا السيد المسيح نفسه فقد قال: "مَنْ مِنكُمْ يُبَكتُني علَى خَطيَّةٍ؟" (يو8: 46).

ولم يجرؤ أحد أن يفتح فاه، لأن السيد المسيح فعلاً كان بلا لوم، وإن كان قد حمل خطايانا على جسده، ولكنه لم يخطيء البتة.. "لأنَّهُ جَعَلَ الذي لم يَعرِفْ خَطيَّةً، خَطيَّةً لأجلِنا، لنَصيرَ نَحنُ برَّ اللهِ فيهِ" (2كو5: 21). إنه حقًا "مُجَرَّبٌ في كُل شَيءٍ مِثلُنا، بلا خَطيَّةٍ" (عب4: 15).
لذلك قدَّم المسيح إلهنا دم طاهر قدوس يقدر أن يُخلِّص كل الخطاة..
+ "عالِمينَ أنَّكُمُ افتُديتُمْ لا بأشياءَ تفنَى، بفِضَّةٍ أو ذَهَبٍ، مِنْ سيرَتِكُمُ الباطِلَةِ التي تقَلَّدتُموها مِنَ الآباءِ، بل بدَمٍ كريمٍ، كما مِنْ حَمَلٍ بلا عَيبٍ ولا دَنَسٍ، دَمِ المَسيحِ" (1بط1: 18-19).
+ "فكمْ بالحَري يكونُ دَمُ المَسيحِ، الذي بروحٍ أزَلي قَدَّمَ نَفسَهُ للهِ بلا عَيبٍ، يُطَهرُ ضَمائرَكُمْ مِنْ أعمالٍ مَيتَةٍ لتخدِموا اللهَ الحَيَّ!" (عب9: 14).
+ "فمِنْ ثَمَّ يَقدِرُ أنْ يُخَلصَ أيضًا إلَى التَّمامِ الذينَ يتقَدَّمونَ بهِ إلَى اللهِ، إذ هو حَيٌّ في كُل حينٍ ليَشفَعَ فيهِمْ" (عب7: 25).

لأنه إن كان به خطية أو عيب أو لوم.. لما كان قادرًا أن يُخلِّصنا، بل كان يُقال له المَثَل: "أيُّها الطَّبيبُ اشفِ نَفسَكَ!" (لو4: 23). ولذلك كانت ذبائح العهد القديم يُشترط فيها أن يكون الحيوان المُقدَّم بلا عيب. فقيل عن خروف الفصح (على سبيل المثال): "تكونُ لكُمْ شاةً صَحيحَةً ذَكَرًا ابنَ سنَةٍ، تأخُذونَهُ مِنَ الخِرفانِ أو مِنَ المَواعِزِ" (خر12: 5). وقيل كذلك عن ذبيحة السلامة: "وإذا قَرَّبَ إنسانٌ ذَبيحَةَ سلامَةٍ للرَّب وفاءً لنَذرٍ، أو نافِلَةً مِنَ البَقَرِ أو الأغنامِ، تكونُ صَحيحَةً للرضا. كُلُّ عَيبٍ لا يكونُ فيها. الأعمَى والمَكسورُ والمَجروحُ والبَثيرُ والأجرَبُ والأكلَفُ، هذِهِ لا تُقَربوها للرَّب، ولا تجعَلوا مِنها وقودًا علَى المَذبَحِ للرَّب. وأمّا الثَّوْرُ أو الشّاةُ الزَّوائديُّ أو القُزُمُ فنافِلَةً تعمَلُهُ، ولكن لنَذرٍ لا يُرضَى بهِ. ومَرضوضَ الخِصيَةِ ومَسحوقَها ومَقطوعَها لا تُقَربوا للرَّب. وفي أرضِكُمْ لا تعمَلوها" (لا22: 21-24). وأيضًا عن كل الذبائح، وقد وبّخ ملاخي النبي مَنْ يستهين بهذا الأمر: "مَلعونٌ الماكِرُ الذي يوجَدُ في قَطيعِهِ ذَكَرٌ ويَنذُرُ ويَذبَحُ للسَّيدِ عائبًا. لأني أنا مَلِكٌ عظيمٌ، قالَ رَبُّ الجُنودِ، واسمي مَهيبٌ بَينَ الأُمَمِ" (ملا1: 14). ذلك كله لأن هذه الذبائح كانت رمزًا لذبيحة السيد المسيح الكاملة التي بلا عيب ولا لوم، ولذلك يختار الكاهن أيضًا قربانة بلا عيب لتكون ذبيحة المسيح.
وهناك ملاحظة جميلة جديرة للتأمل.. ففي محاكمة السيد المسيح اجتمع الكهنة مع رؤسائهم ليفحصوا المسيح، كأنهم يفحصون الذبيحة قبل تقرير ذبحها، فإن وُجد بها لوم أو عيب كانت تُرفَض، وإن لم يكن فكانت تُقدَّم ذبيحة. وعُرض على المحكمة الكهنوتية ذبيحتان: الأولى: هي يسوع الناصري. والثانية: هي باراباس اللص القاتل. وبعكس المحكمة المدنية.. حكمت محكمة الكهنوت بتقديم يسوع ذبيحة وإطلاق سراح باراباس.. "فصَرَخوا بجُملَتِهِمْ قائلينَ: خُذْ هذا! وأطلِقْ لنا باراباسَ!" (لو23: 18)، "اصلِبهُ! اصلِبهُ!" (لو23: 21)، "دَمُهُ علَينا وعلَى أولادِنا" (مت27: 25). وكان هذا الصراخ بتحريض من الكهنة، وهم ما كانوا يدرون بما يعملون.. "ولم يَقُلْ هذا مِنْ نَفسِهِ، بل إذ كانَ رَئيسًا للكهنةِ في تِلكَ السَّنَةِ، تنَبّأَ أنَّ يَسوعَ مُزمِعٌ أنْ يَموتَ عن الأُمَّةِ" (يو11: 51).
أراد بيلاطس البنطي أن يطلق سراح يسوع، لأنه بار، ولم يجد فيه علة البتة بشهادة هيرودس أيضًا معه. أمّا رؤساء الكهنة فكان حكمهم غير ذلك.. فيسوع يصلح أن يُذبح لأنه بلا لوم أما باراباس فلا يصلح. وعندما ندرك أيضًا أن كلمة "باراباس" معناها "ابن الآب".. فنحن أمام ابنين للآب أحدهما ابن حقيقي بار وبلا عيب ووحيد والآخر ابن للآب مزيف ومعيب ومُدّعي.. فكان بالحق وبالعدل الكهنوتي أن يُصلب يسوع عن الشعب كذبيحة، ويُطلق باراباس لأنه لا ينفع في شيء.
هكذا حينما يختار الأب الكاهن القربانة، فإنه يترك القربانة المعيبة ويختار السليمة.

ربي يسوع..

أرى عجبًا أنك تختارني لخدمتك الإلهية، وأنا معيب بل ومليء بالعيوب والملامات..
لكن يتوقف عجبي حينما أسمع رسولك العظيم بولس قائلاً: "اختارَ اللهُ جُهّالَ العالَمِ ليُخزيَ الحُكَماءَ. واختارَ اللهُ ضُعَفاءَ العالَمِ ليُخزيَ الأقوياءَ. واختارَ اللهُ أدنياءَ العالَمِ والمُزدَرَى وغَيرَ المَوْجودِ ليُبطِلَ المَوْجودَ، لكَيْ لا يَفتَخِرَ كُلُّ ذي جَسَدٍ أمامَهُ" (1كو1: 27-29).
حقًا يا الله.. أنت "مُعلَمٌ بَينَ رَبوَةٍ" (نش5: 10)،
"لأنَّهُ مَنْ في السماءِ يُعادِلُ الرَّبَّ. مَنْ يُشبِهُ الرَّبَّ بَينَ أبناءِ اللهِ؟" (مز89: 6).

+مواصفات القربانة المُختارة

يجب أن تكون القربانة المُختارة بلا شقوق أو اعوجاج، وتكون كاملة الاستدارة، والخروم الخمس في أماكنها، والإسباديقون غير مكسور، ويكون الختم واضحًا. واستدارة القربانة تُشير إلى الأبدية لأن الدائرة ليس لها بداية ولا نهاية، وكذلك مسيحنا القدوس هو سرمدي (أزلي أبدي)، ليس له بداية أيام ولا نهاية.[/





( 7 )
القداس الإلهي

لنيافة الأنبا رافائيل


الحَمَل المذبوح


لقد أطلقت الكنيسة على الخبزة التي نُقدِّس عليها في سر الإفخارستيا كلمة "الحَمَل".
والحَمَل يُعني الخروف، ولقد قيل عن السيد المسيح: "هوذا حَمَلُ اللهِ الذي يَرفَعُ خَطيَّةَ العالَمِ!" (يو1: 29).
وفي أكثر من مكان في سفر الرؤيا ذُكر على أنه الخروف المذبوح، إشارة إلى كونه الذبيحة الحقيقية المُقدَّمة عن حياة البشر:
+ "مُستَحِقٌّ هو الخَروُفُ المَذبوحُ أنْ يأخُذَ القُدرَةَ والغِنَى والحِكمَةَ والقوَّةَ والكَرامَةَ والمَجدَ والبَرَكَةَ!" (رؤ5: 12).
+ "لأنَّ الخَروفَ الذي في وسطِ العَرشِ يَرعاهُمْ، ويَقتادُهُمْ إلَى يَنابيعِ ماءٍ حَيَّةٍ، ويَمسَحُ اللهُ كُلَّ دَمعَةٍ مِنْ عُيونِهِمْ" (رؤ7: 17).
+ "وهُمْ غَلَبوهُ بدَمِ الخَروفِ وبكلِمَةِ شَهادَتِهِمْ، ولم يُحِبّوا حَياتَهُمْ حتَّى الموتِ" (رؤ12: 11).
+ "هؤُلاءِ هُمُ الذينَ لم يتنَجَّسوا مع النساءِ لأنَّهُمْ أطهارٌ. هؤُلاءِ هُمُ الذينَ يتبَعونَ الخَروفَ حَيثُما ذَهَبَ. هؤُلاءِ اشتُروا مِنْ بَينِ الناسِ باكورَةً للهِ وللخَروفِ" (رؤ14: 4).
+"هؤُلاءِ سيُحارِبونَ الخَروفَ، والخَروفُ يَغلِبُهُمْ، لأنَّهُ رَبُّ الأربابِ ومَلِكُ المُلوكِ، والذينَ معهُ مَدعوّونَ ومُختارونَ ومؤمِنونَ" (رؤ17: 14).

والسيد المسيح هو الله المتجسد الذي قَبِل أن يكون حَمَلاً مذبوحًا عن حياة العالم، وهذه هي التقدمة الحقيقية.

ونحن أيضًا يجب أن نُقدِّم أنفسنا ذبيحة حب لله الذي أحبنا.. "فأطلُبُ إلَيكُمْ أيُّها الإخوَةُ برأفَةِ اللهِ أنْ تُقَدموا أجسادَكُمْ ذَبيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرضيَّةً عِندَ اللهِ، عِبادَتَكُمُ العَقليَّةَ" (رو12: 1).
وهذا الحب المتبادل يُعبِّر عنه طقس القداس خلال نداء الشماس في مرد: "قبلوا بعضكم بعضًا" في كلمة "قدموا على هذا الرسم".
"هذا الرسم" يُقصد به "هذا المثال"، وكأن الشماس ينبِّه أذهان الناس أن يُقدِّموا عطاياهم وقلوبهم وما لديهم على هذا المثال الذي لربنا يسوع المسيح.
لقد أحب خاصته الذين في العالم، أحبهم إلى المنتهى، وبذل نفسه عنَّا أجمعين بكل رضى وحب وفرح، وهو مستعد أن يعطي إلى المنتهى.
فيجب علينا أن نُقدِّم بنفس الرسم والمثال.. فنحن "نُحِبُّهُ لأنَّهُ هو أحَبَّنا أوَّلاً" (1يو4: 19)، و"ليس لأحَدٍ حُبٌّ أعظَمُ مِنْ هذا: أنْ يَضَعَ أحَدٌ نَفسَهُ لأجلِ أحِبّائهِ" (يو15: 13).
وهو قد أمرنا بفمه الطاهر.. "أنْ تُحِبّوا بَعضُكُمْ بَعضًا. كما أحبَبتُكُمْ أنا تُحِبّونَ أنتُمْ أيضًا بَعضُكُمْ بَعضًا" (يو13: 34).
ربي يسوع المحبوب..
دعني أُقدِّم ذاتي تحت رجليك..
وقتي وجهدي ومالي وصحتي وعافيتي ونظري وسمعي وكلامي..
وكل ما لديّ.. أُقدِّمه تحت قدميك الطاهرتين في تسليم وتكريس وحب وفرح، عالمًا أن ما لديّ هو عطية خالصة من صلاحك يا محب البشر،
فمُعلِّمنا بولس الرسول نبّه ذهني إلى عطاياك حينما قال: "أيُّ شَيءٍ لكَ لم تأخُذهُ؟ وإنْ كُنتَ قد أخَذتَ، فلماذا تفتَخِرُ كأنَّكَ لم تأخُذْ؟" (1كو4: 7).

حقيقة أنا لا أملك ذاتي لأنك وهبتني الحياة من العدم.. ولمَّا سقطت وكنت في خطر أصلحتني بتجسدك الإلهي ورددتني مرة أخرى إلى الوجود والخلود بسبب صلاحك ومحبتك للبشر.
أنا مِلكَك لسببين الأول أنك خلقتني، والثاني أنك اشتريتني بدمك بعد أن مُت وأحييتني بقوتك.. "وهو ماتَ لأجلِ الجميعِ كيْ يَعيشَ الأحياءُ فيما بَعدُ لا لأنفُسِهِمْ، بل للذي ماتَ لأجلِهِمْ وقامَ" (2كو5: 15). لذلك أُقدِّم لكَ ذاتي وهي أيضًا "من الذي لك".

أما عن تقدمة المسيح لذاته فقد قيل في رسالة العبرانيين عن السيد المسيح: "الذي ليس لهُ اضطِرارٌ كُلَّ يومٍ مِثلُ رؤَساءِ الكهنةِ أنْ يُقَدمَ ذَبائحَ أوَّلاً عن خطايا نَفسِهِ ثُمَّ عن خطايا الشَّعبِ، لأنَّهُ فعَلَ هذا مَرَّةً واحِدَةً، إذ قَدَّمَ نَفسَهُ" (عب7: 27).
وكذلك "لأنَّ كُلَّ رَئيسِ كهنةٍ يُقامُ لكَيْ يُقَدمَ قَرابينَ وذَبائحَ. فمِنْ ثَمَّ يَلزَمُ أنْ يكونَ لهذا أيضًا شَيءٌ يُقَدمُهُ" (عب8: 3).

والشيء الذي قدَّمه السيد المسيح عنَّا هو جسده المُقدَّس على الصليب، ونحن نتمتع به يوميًا على المذبح المُقدَّس، نفس الجسد الذي قُدِّم على الصليب، فليس القداس تكرارًا للصليب بل استمرارًا له.

هذه التقدمة المُقدَّسة هي التي تنبأ عنها المزمور قائلاً: "قَدموا للرَّب يا أبناءَ اللهِ، قَدموا للرَّب مَجدًا وعِزًّا" (مز29: 1).

وتنبأ عنها ملاخي النبي: "لأنَّهُ مِنْ مَشرِقِ الشَّمسِ إلَى مَغرِبِها اسمي عظيمٌ بَينَ الأُمَمِ، وفي كُل مَكانٍ يُقَرَّبُ لاسمي بَخورٌ وتقدِمَةٌ طاهِرَةٌ، لأنَّ اسمي عظيمٌ بَينَ الأُمَمِ، قالَ رَبُّ الجُنودِ" (ملا1: 11).
ومن المُلاحظ في هذه النبوة التي تكلَّم بها الروح القدس على فم ملاخي النبي أنه يتكلَّم عن التقدمة المسيحية وليست اليهودية، لأنه يُحدد المكان بأنه من مشرق الشمس إلى مغاربها وفي كل مكان، وليس في أورشليم فقط. ويُحدد الناس بأنهم الأمم وليسوا اليهود فقط. ويُحدد أن التقدمة "طاهرة" وليس طاهر وقدوس إلاَّ الله وحده ربنا يسوع المسيح.

والكنيسة تنبِّه أذهاننا أنه لا يليق أن نُقدِّم لله خبزًا وخمرًا فقط بل القلب نقيًا.. "ولا تُقَدموا أعضاءَكُمْ آلاتِ إثمٍ للخَطيَّةِ، بل قَدموا ذَواتِكُمْ للهِ كأحياءٍ مِنَ الأمواتِ وأعضاءَكُمْ آلاتِ بِر للهِ" (رو6: 13).



( 8 )
القداس الإلهي

لنيافة الأنبا رافائيل

الذبائح الروحية

أشرنا في العدد السابق إلى التقدمة الروحية التي ينبغي أن نُقدِّمها لله على مِثال تقديم السيد المسيح ذاته من أجلنا.. "فأطلُبُ إلَيكُمْ أيُّها الإخوَةُ برأفَةِ اللهِ أنْ تُقَدموا أجسادَكُمْ ذَبيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرضيَّةً عِندَ اللهِ، عِبادَتَكُمُ العَقليَّةَ" (رو12: 1).
هذه التقدمات والذبائح الروحية هي التي أشار إليها القديس بطرس في رسالته: "كونوا أنتُمْ أيضًا مَبنيينَ -كَحِجارَةٍ حَيَّةٍ- بَيتًا روحيًّا، كهَنوتًا مُقَدَّسًا، لتقديمِ ذَبائحَ روحيَّةٍ مَقبولَةٍ عِندَ اللهِ بيَسوعَ المَسيحِ" (1بط2: 5).

وتقدمة الحَمَل في القداس هي النموذج المثالي لهذه الذبائح الروحية المقبولة عند الله.
فكما بذل السيد المسيح نفسه عنَّا، مُقدمًا ذاته ذبيحة مُقدَّسة للآب السمائي عن خلاص جنسنا.. لذلك ينبغي نحن أيضًا أن نُقدِّم جهدًا روحيًا وتعبًا مُقدَّسًا حبًا فيه.. "نَحنُ نُحِبُّهُ لأنَّهُ هو أحَبَّنا أوَّلاً" (1يو4: 19).

فالسهر والصوم والتعب في الخدمة، والمجهود المبذول في درس الكتاب المقدس، وافتقاد اليتامى والأرامل والغائبين والضالين.. وكل مجهود يُبذل من أجل مجد الله وبُنيان كنيستنا المُقدَّسة وخلاص النفوس يُحسب كذبيحة روحية مقبولة أمام الله.
ربي يسوع..
حينما يقف أبي الكاهن ليُقدِّم الحَمَل أمامك ولك، يرتفع قلبي إليك طالبًا أن تقبل مع هذه القرابين كل تقدمة حب نُقدِّمها لك،
ونحن منحنيين أمامك قائلين: "نحن عبيدك اقبل منَّا خضوعنا لك"،
ونهتف في القداس الغريغوري: "أُقدِّم لك يا سيدي مشورات حريتي وأكتب أعمالي تبعًا لأقوالك..".
فإن كنت قد أعطيتني الحرية وحررتني من قيود إبليس،
ولكنني بإرادتي الحُرّة ورغبة قلبي الحقيقية وبكل فرح أُقدِّم لك هذه الحرية تقدمة حب لأخضع لأبوتك الحانية لتقود حياتي حسبما تشاء..
فاحسبني كأحد أجرائك.
ولعل القديس بولس الرسول في قوله: "حتَّى أكونَ خادِمًا ليَسوعَ المَسيحِ لأجلِ الأُمَمِ، مُباشِرًا لإنجيلِ اللهِ ككاهِنٍ، ليكونَ قُربانُ الأُمَمِ مَقبولاً مُقَدَّسًا بالرّوحِ القُدُسِ" (رو15: 16).. كان يقصد بقربان الأمم الشعب الذي كان وثنيًا وقد رده بولس الرسول إلى الإيمان الحقيقي بالله، فصارت هذه الشعوب بمثابة قربان مُقدَّم لله.

وهذا التعبير قيل عن السيد المسيح في قسمة عيد القيامة حينما أخرج القديسين من الجحيم وردهم إلى الفردوس.. "رفع قديسيه إلى العلاء أعطاهم قربانًا لأبيه".
إنك تستطيع أن تُقدِّم قربانًا لله مقبولاً عندما ترد خاطئًا عن طريق ضلاله، أو تهدي إنسانًا ضالاً إلى معرفة الحق الإلهي.. وفي هذا قال مُعلِّمنا بولس الرسول: "ليس أني أطلُبُ العَطيَّةَ، بل أطلُبُ الثَّمَرَ المُتَكاثِرَ لحِسابِكُمْ" (في4: 17).

أي ليس المطلوب منكم أن تعطونا أموالاً بل الأفضل أن تُقدِّموا ثمارًا متكاثرة لمجد وبنيان الكنيسة، أي نفوس محبوبة لله ومُحبّة لله.

+القربانة والكنيسة

القربانة تُعبِّر بنوع ما عن تكوين الكنيسة التي هي جسد المسيح، وفي نفس الوقت هي جماعة المؤمنين الذين أيضًا يكوّنون معًا جسدًا واحدًا للمسيح.
فكل واحد منَّا مُمثَل في القربانة بحبة قمح، وعندما تُطحن الحبوب معًا وتُعجن بالماء الذي هو رمز للروح القدس في المعمودية يكون كل شعب الله عجينة واحدة مُتحدة معًا بالإيمان والمعمودية والروح القدس.

وعندما توضع القربانة على المذبح يصير كأن الكنيسة تُقدِّم ذاتها ذبيحة حب لعريسها السماوي.
وعندما تتحول القربانة بالصلاة وحلول الروح القدس إلى جسد حقيقي للسيد المسيح يُستعلن لنا أن السيد المسيح هو الذي قدَّم ذاته ذبيحة عن الكنيسة عروسه الطاهرة.
يوجد في وسط القربانة صليب كبير يُسمى الإسباديقون (الجزء السيدي)، كأن القربانة تشرح لنا أن السيد المسيح حاضر في وسط الكنيسة يجمع حوله المؤمنين الذين هم أعضاء جسده.
ويوجد حول الإسباديقون اثني عشر صليبًا صغيرًا يُمثلون الآباء الرسل وخلفاءهم والكهنوت عمومًا.
أما باقي القربانة فتمثل باقي شعب الله المجتمع حوله، والمرتبط به من خلال هذا الكهنوت المُقدَّس.

حقًا تهتف الكنيسة: "عمانوئيل إلهنا في وسطنا الآن"، "هوذا كائن معنا على هذه المائدة اليوم عمانوئيل إلهنا" (قسمة السمائيين).
ووجود السيد المسيح في وسط الكنيسة هو سر وحدتها وتجميعها، وهذا الوجود يُستعلن بوضوح خلال سر الإفخارستيا.
ولعل سر بقاء وحيوية الكنيسة ووحدتها وقوتها طوال الزمان هو تمسكها بسر الإفخارستيا، كأساس روحي لكل علاقتنا مع الله.
القربانة التي على المذبح هي المغناطيس الذي يجمع كل الكنيسة ويوحّدها.
"فإنَّنا نَحنُ الكَثيرينَ خُبزٌ واحِدٌ، جَسَدٌ واحِدٌ، لأنَّنا جميعَنا نَشتَرِكُ في الخُبزِ الواحِدِ" (1كو10: 17).
"اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نتناول من قُدساتك طهارة لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا، لكي نكون جسدًا واحدًا وروحًا واحدًا، ونجد نصيبًا وميراثًا مع جميع القديسين..." (مقدمة الأواشي في القداس الباسيلي).

(
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الجزء الثالت من القداس الالهى بقلم الانبا روفائيل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
yso3-love.mam9.com :: † المنتديــــات الكتابيــــة† :: † منتــــدى الطقــــس الدينــــى†-
انتقل الى: